یادداشت چهاردهم: اعراب و بلاغت آیات 42 تا 46

[سورة البقرة (2) : الآیات 42 الى 43]

وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَکْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکاةَ وَارْکَعُوا مَعَ الرَّاکِعِینَ (43)

اللغة : 

(وَلا تَلْبِسُوا) یقال : لبست الشی ء بالشی ء : خلطته به والمصدر اللّبس بفتح اللام المشددة.

الاعراب :

(و لا تَلْبِسُوا) الواو حرف عطف ولا ناهیة وتلبسوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل (الْحَقَّ) مفعول به (بِالْباطِلِ) الجار والمجرور متعلقان بتلبسوا والباء للملابسة أو للاستعانة (وَتَکْتُمُوا) : الواو عاطفة وتکتموا فعل مضارع مجزوم عطفا على تلبسوا داخلة تحت حکم النهی ولک أن تجعلها للمعیة وتکتموا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعدها وهی مسبوقة بالنهی (الْحَقَّ) مفعول به (وَأَنْتُمْ) الواو حالیة وأنتم ضمیر منفصل فی محل رفع مبتدأ (تَعْلَمُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل وجملة تعلمون الفعلیة خبر أنتم وجملة وأنتم تعلمون الاسمیة حالیة (وَأَقِیمُوا) الواو عاطفة وأقیموا فعل أمر مبنی على حذف النون والواو فاعل (الصَّلاةَ) مفعول به (وَآتُوا الزَّکاةَ) عطف على أقیموا الصلاة (وَارْکَعُوا) عطف أیضا (مَعَ) ظرف ظرف مکان متعلق بارکعوا (الرَّاکِعِینَ) مضاف الیه.

 

[سورة البقرة (2) : الآیات 44 الى 46]

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَکُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْکِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَکَبِیرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِینَ (45) الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَیْهِ راجِعُونَ (46)

اللغة :

(بِالْبِرِّ) البر بکسر الباء الصلة والطاعة والصلاح والصدق والبر بفتح الباء الصحراء والبر بضمها القمح والواحدة برّة. 

(الْخاشِعِینَ) الخشوع : الخضوع والذل ومن مجاز هذه المادة أرض خاشعة أی متطامنة وخشعت الجبال وخشعت دونه الابصار.

الإعراب :

(أَ تَأْمُرُونَ) الهمزة للاستفهام الإنکاریّ بل تجاوز هنا الإنکار الى التوبیخ والتقریع والتعجب من حال هؤلاء الیهود لأنه لیس هناک أقبح فی العقول من أن یأمر الإنسان غیره بخیر وهو لا بأتیه ، وتأمرون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل (النَّاسَ) مفعول به (بِالْبِرِّ) الجار والمجرور متعلقان بتأمرون (وَتَنْسَوْنَ) عطف على تأمرون (أَنْفُسَکُمْ) مفعول به (وَأَنْتُمْ) الواو واو الحال وأنتم ضمیر منفصل فی محل رفع مبتدأ (تَتْلُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون وجملة تتلون الفعلیة خبر أنتم وجملة وأنتم الاسمیة حالیة من فاعل تنسون (الْکِتابَ) مفعول به (أَفَلا) الهمزة للاستفهام الإنکاری والفاء حرف عطف ولا نافیة (تَعْقِلُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل وسیأتی سر هذا الترکیب (وَاسْتَعِینُوا) عطف على ما تقدم (بِالصَّبْرِ) جار ومجرور متعلقان باستعینوا (وَالصَّلاةِ) عطف على الصبر (وَإِنَّها) الواو حالیة وان واسمها (لَکَبِیرَةٌ) اللام هی المزحلقة وکبیرة خبر إن (إِلَّا) أداة حصر (عَلَى الْخاشِعِینَ) الجار والمجرور متعلقان بکبیرة فهو استثناء مفرّغ لأن ما قبل إلا لیس فیه ما یتعلق بکبیرة لتستثنى منه فهو کقولک هو کبیر علیّ ولأن الکلام مؤول بالنفی أی وإنها لا تخف ولا تسهل إلا على الخاشعین فتنبه لهذا فإنه من الدقائق (الَّذِینَ) اسم موصول مبنی على الفتح فی محل جر صفة للخاشعین (یَظُنُّونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول (أَنَّهُمْ) ان واسمها (مُلاقُوا) خبرها (رَبِّهِمْ) مضاف الیه وإن وما فی حیزها سدت مفعولی یظنون (وَأَنَّهُمْ) عطف على انهم (إِلَیْهِ) جار ومجرور متعلقان براجعون (راجِعُونَ) خبر انهم.

البلاغة : 

فی قوله : وأنتم تتلون الکتاب فقد صدّر الکلام بالضمیر زیادة فی المبالغة وتسجیلا للتبکیت والتوبیخ علیهم بعد أن عبّر عن ترکهم فعلهم البر بالنسیان زیادة فی مبالغة الترک أی فکأن البرّ لا یخالج نفوسهم ولا یدور لهم فی خلد لأن نسیان الشی ء یترتب علیه ترکه أو استعمال السبب فی المسبب. 

الفوائد : 

1- القاعدة فی العربیة أن ضمیر الغائب لا یعود على غیر الأقرب إلا بدلیل وقد کان مقتضى الظاهر أن یعود الضمیر فی قوله : انها على الصلاة لأنها الأقرب جریا على مقتضى الظاهر وکف عن خبر الأول لعلم المخاطب بأن الأول داخل ضمنا فیما دخل فیه الآخر وهو مطرّد فی کلامهم. قال الانصاری : 

نحن بما عندنا وأنت بما عندک راض والأمر مختلف

أراد نحن راضون وأنت بما عندک راض فکف عن خبر الأول إذ قام دلیل على معناه. ومنه قول الآخر : 

إن شرخ الشباب والشعر الأسود ما لم یعاص کان جنونا وقیل یعود على المصدر المفهوم من قوله واستعینوا أی الاستعانة.

2- إذا اجتمعت همزة الاستفهام وحرف العطف ففیها مذهبان : 

آ- مذهب سیبویه وهو أن الهمزة فی نیة التأخیر عن حرف العطف ولما کان لها صدر الکلام قدمت علیه وذلک بخلاف هل.

ب- مذهب الزمخشری وهو أن الواو والفاء وثم بعد الهمزة واقعة موقعها ولیس فی الأمر تقدیم ولا تأخیر ویجعل بین الهمزة وحرف العطف جملة مقدرة یصح العطف علیها وتلائم سیاق الکلام فیقدر هنا : أتفعلون فلا تعقلون ولا نرى مرجحا لأحد المذهبین على الآخر. 

3- اللام المزحلقة : هی لام الابتداء زحلقت الى الخبر لدخول إن علیها وقد تزحلق الى الاسم نحو : « إن من الشعر لحکمة وإن من البیان لسحرا » .

إعراب القرآن وبیانه ، ج 1 ، ص 93-97